تيفلت
تعتبر مدينة تيفلت من أهم المراكز الحضارية الفتية لإقليم الخميسات, وتأتي أهمية هذه المدينة من القبائل المجاورة لها, وتقع هذه المدينة في موقع استراتيجي إذ تعتبر الطريق الرابطة بين مدينة الرباط العاصمة الإدارية للمملكة المغربية ومدينة فاس العاصمة العلمية للمملكة وتبعد عن مدينة الخميسات مقر الإقليم ب25 كيلومتر وعلى بعد 56 كيلومتر شرق مدينة الرباط وتحد شمالا بجماعة مقام الطلبة وجنوبا بجماعة خميس سيدي حيى وشرقا بجماعة سيدي عبد الرزاق وجماعة آيت عبوا وغربا جماعة عين الجوهرة سيدي علال البحراوي.
التسمية
كانت مدينة “تيفلت” قبل تسميتها بهذا الاسم تسمى “وادي النخلات” ولما كان يعبر المدينة واد صغير فقد اغتنم سكانا (ايت بوحي ارادوا ان يستعمروا مدينة تيفلت واطلقوا عليها هذه الخرافات ينسبونها اليهم *) ايت بوحيى الذين ينحدرون من مولاي إدريس الأكبر, خصوبة الأرض وعذوبة المياه والقوا عصا الترحال، فأقاموا حوله منازلهم وزاولوا أعمال الفلاحة باستغلال تلك الأرض الخصبة.
و يحكى ان احدهم قد ذهب لأداء فريضة الحج وجلب معه بدور الفلفل التي تسمى باللغة الأمازيغية “تيفلفلت” وزرعها على ضفة الوادي فأعطت غلة وفيرة، فاشتهرت المدينة بهذا النوع من الزراعة فأطلق عليها بسبب ذلك اسم “تيفلفلت” نسبة إلى هذا النوع من الخضرة، ومع مرور الأيام حذفت الفاء واللام تسهيلا للنطق فأصبحت تيفلت
ثلاث مراحل تاريخية : المرحلة الأولى قبل 1912 أي قبل الحماية:
اتسمت هذه المرحلة – كما ذكرنا آنفا – بسيادة ظروف مضطربة في إطار أوضاع " السيبة" المترتبة إما عن ضعف أو غياب السلطة المركزية خلفت تصارع قبائل زمور على غابة المعمورة مع قبائل زعير وبني حسن ابتداء من القرن 18
قدمت قبائل زمور من جنوب المغرب وبعد توقف مرحلي في منطقة الأطلس المتوسط، تقدموا نحو غابة المعمورة التي استولوا عليها في نهاية القرن 19. بقيت المنطقة، طيلة هذه الفترة، تعيش أوضاعا غير مستقرة سواء على المستوى الأمني(سيادة الإضطرابات) أو على مستوى نمط العيش(سيادة نمط العيش الترحالي والإنتجاع إلى حدود سنة 1912
• المرحلة الثانية 1912 – 1956
من أهم المراحل التاريخية في المنطقة؛ لإن سنة 1912 صادفت دخول المستعمر الفرنسي إلى المنطقة. هذا الإختراق الذي قوبل - على المستوى الإقليمي خصوصا – بمواجهة عنيفة من طرف القبائل الزمورية، مما دفع المستعمر إلى إنشاء نقط ومواقع لمراقبة وتهدئة القبائل. من جملة نقط المراقبة تم اختيار موقع تيفلت لأهميته الإستراتيجية التي تسهل الهيمنة على المنطقة
أنشأ إذا المستعمر النواة الأولى لمدينة تيفلت؛ حيث أقام التجهيزات الأولى وهي ثكنة عسكرية وبعض المرافق الإدارية التي لم تباشر عملها إلا بعد انضمام القواد والشيوخ المحليين تحت لواء المستعمر. كل هذه العوامل مكنت مركز تيفلت من دور إشعاعي منحه إمكانية التطور والازدهار. بعد ذلك سيعرف المركز فترة شبه ركود أي بعد انسحاب الدور القيادي للمنطقة لصالح مدينة الخميسات سنة 1923، مما خلق أيضا شبه فراغ إداري إلى حدود سنة 1944 السنة التي تم فيها إنشاء مكتب الحالة المدنية بالمدينة، هذا العامل كان فعالا في إمكانية استئناف تطور المركز وازدهاره وإعادة الإعتبار إليه ولو على المستوى المحلي فقط. إضافة إلى هذا العنصر ازدادت أهمية المركز الإقليمية مع بداية دخول شبكة الطرق مرحلة الاستعمال وظهور السوق المركزي (سوق أربعاء مزورفة) وإنشاء بعض المحلات التجارية والخدماتية على طول الطريق الرئيسية التي كانت تستجيب لحاجيات المسافرين العابرين والسكان الوافدين ولحاجيات المستعمر. كل هذا مكن المركز من الانفتاح والتطور بالإستفاذة من الموارد المحلية
المرحلة الثالثة 1956 إلى الثمانينات : و جاء الاستقلال بعد جلاء المستعمر
منحت فترة الاستقلال المدينة فرصة أخرى لإعادة النهوض والتطور تجلى ذلك في عدد من المشاريع التي أقيمت بها في مختلف الميادين. ففي الميدان الإداري مثلا أنشئ مكتب بريدي ومقر الدرك. كما توسعت الخدمات العمومية وأضيفت مدارس جديدة ومستوصف ومصحة للتوليد ووحدة للهلال الأحمر المغربي وثانوية، إضافة إلى مركز تجاري جديد بحي الفرح...إلخ
و بغض النظر عن كيفية استجابة هذه المرافق والمصالح لحاجيات المدينة وساكنيها؛ فإن ما لوحظ في هذه الفترة هو أن هذه الإمكانيات لعبت دورا مهما في نمو المركز الحضري، سواء على المستوى المجالي أو على المستوى الديمغرافي ؛ لأن هذه الإمكانيات – مع تواضعها – شكلت لسكان منطقة زمور – الذين تفتقر أريافهم إلى أبسط الخدمات الضرورية – فرصة لا تعوض سواء من خلال الالتحاق بالمركز والاستقرار به نهائيا أو بهدف الاستقرار المؤقت أو لقضاء الأغراض الإدارية
كيفما كان الحال فإن ما يوفره المركز على مستوى الإقليم من مرافق في مختلف الميادين كان له الأثر البالغ في تقوية القدرات الجاذبة، مما فجر حركة هجرية تجلت آثارها على مستوى النسيج الحضري في التزايد الديمغرافي الهائل بالقياس الزمني وفي الاكتساح الكبير للمجال نتيجة للوثيرة المتسارعة لحركة البناء. فعلى سبيل المثال ارتفع عدد سكان مركز تيفلت من 7233 نسمة سنة 1960 إلى 14303 نسمة سنة 1971 وحوالي 31 ألف نسمة سنة 1984. (و أخيرا ما يناهز 70 ألف نسمة حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى 2004
المهم أن هذه المرحلة الثالثة إلى حدود الثمانينات كانت بالنسبة لمدينة تيفلت أساسية في نموها وتطورها. ويذكر مارسيل ليسن أن مدينة تيفلت استمدت اسمها من كلمة بربرية هي:" تيفلفلت" التي تعني الفلفل، حيث عرفت المنطقة من قبل ازدهارا كبيرا لهذا المنتوج في الحقول التي كانت منتشرة على ضفاف واد تيفلت
.لكن مع هذا التطور الأخير لم تستطع مدينة تيفلت استعادة إشعاعها السابق الذي تكرس لمدينة الخميسات مركز الإقليم